لقد تسارعت في أيامنا هذه، وتيرة التغيرات الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية الحاصلة نتيجة أسباب كثيرة، في بلادنا وجميع أنحاء العالم وذلك بسبب تأثير العولمة، كما وأن هذه التغيرات أصبحت تهدد العقائد الدينية والقيم الأخلاقية والثقافة الوطنية. ومن ناحية أخرى، فإن الثقافة العالمية التي تشكلت من خلال التوجيهات العالمية، نتج عنها عدم الاهتمام بالعقائد الدينية والقيم المختلفة ولا سيما لدى فئة الأطفال والشباب. وبذاك فإن جميع هذه الحالات المذكورة تعقّد وتضيّق الحياة الدينية، وتضعّف من آليات الدفاع لدى المسلمين، وتشكّل حاجزا أمام تحقيق التصور والرؤية المستقبلية.
ومن جانب آخر، فإن استغلال المعتقدات والقيم الدينة واتخاذها كأدوات من قبل الفاعلين والنشطاء سواء الداخليين منهم أو الخارجيين، يؤدي إلى فقد الدين لقاعدته الشعبية لدى شريحة كبيرة من الناس. ولا شك أن الاستغلال، الذي عايشناه في أشنع أحواله في محاولة الانقلاب الغادرة التي قامت بها جماعة فتح الله غولن في بلادنا في 15 يوليو/تموز من العام 2016، فبذلك ظهر لنا مرة أخرى وبشكل مؤلم، مدى أهمية الفهم الديني الصحيح و الحفاظ عليه ونشره.
إن التطورات العلمية والتقنية التي ظهرت في السنوات الأخيرة والتي حارت بها العقول، قامت من جديد بإشعال فتيل الصراع بين الدين والعلم. وإن الاختراعات والتطورات التي برزت إلى السطح ضمن ميادين ومجالات علمية مختلفة وفي مقدمتها مجالات الطب والوراثة، قد أصبحت تصعب الأطر البيولوجية للإنسان. وكما كان عليه الحال تماماً في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، فإن القناعة الخاطئة التي تنبني على أن الحقيقة لا يتم كشفها والوصول إليها إلا من خلال الطرق العلمية فقط، قد بدأت تحظى بانتشارها من جديد. وكنتيجة لهذه التطورات الجديدة الحاصلة فإن هناك قبول يكتسب شعبية وشهرة بشكل متسارع، يتمثل في أن العلم سيحل محل الدين ويقوم بتغيير الأديان تماماً، وهذا لا شك أنه يقوم بإبراز التهديدات والمخاطر الجديدة الموجهة للاعتقاد الديني. وإن ضرورة قيام الأشخاص والمؤسسات التي تقوم على تنفيذ الفعاليات والأنشطة الأكاديمية والثقافية ضمن مجالات العلوم الاسلامية بمواجهة هذه التطورات الجديدة، أمر بات محسوساً وبقوة. فإن أهمية تطوير الآليات العلمية التي من شأنها إنتاج أجوبة صحيحة وقويمة تلبي احتياجات العصر وتتوافق وتنسجم مع ظروفه وذلك من خلال إيجاد وخلق الحلول النظرية في مجالات الفلسفة والعلوم الاجتماعية والعلوم الإسلامية في يومنا هذا، هي واضحة وجلية.
إن التغير الذي أنتجه التطور الصناعي والتمدن وشبكات التواصل التكنولوجية، يقوم بالتأثير بشكل حقيقي وجاد على المعتقدات والممارسات الدينية مثلما يقوم بزعزعة البنية المجتمعية وخلخلة أركانها بقوة. وكنتيجة لذلك فإنه طفت إلى السطح وبرزت ظاهرة التدين الشخصي، كما أصبحت أشكال الفهم المختلفة في سياق المجالات الدينية، يمكن لها أن تعبر عن نفسها بصورة أسهل وأكثر سلاسة، وقد برزت كذلك ظاهرة التيارات الدينية الجديدة بكثافة.
وبالإضافة لذلك، فإن روح الإسلام الباعثة للحياة التي تتخطى العصور والأزمان، تغذي بصيرتنا بفهم الحياة، وجهودنا لفهم مقتضيات الزمان، وتغذي كذلك طاقاتنا الموجهة نحو اكتشاف مستوى الإدراك الخاص بيومنا الحاضر، كما أنها تُكسبنا الحماس والعزم والإصرار المطلوب فيما يتعلق بتجاوز التحديات والصعوبات التي نواجهها.
وبهذا الحماس وهذه العزيمة وبهدف القيام بمناقشة التأثير الذي يحدثه هذا التغير الاجتماعي والثقافي المذكور، على كل من المفاهيم الدينية والعلاقة بين الدين والحياة وعلى التصور الخاص بالدين والمستقبل من جهة، ومن أجل تحديد ووضع استراتيجيات جديدة تتعلق بالخدمات التي يتم تنفيذها وتقديمها ضمن بنية رئاسة الشؤون الدينية اعتماداً على هذه المناقشة من جهة أخرى، فقد تشكلت خمس لجان تضم 353 مشاركا لتنفيذ وتسيير اجتماع مجلس الشورى الديني السادس الذي عقد في العاصمة أنقرة ما بين تاريخ 25 و28 نوفمبر 2019 وذلك تحت عنوان "التغير الاجتماعي الثقافي وخدمات رئاسة الشؤون الدينية"، فقام مجلس الشورى الديني باتخاذ القرارات التالية:
-
يجب ألا يتم فتح باب النقاش حول الثوابت الدينية التي هي صالحة وماضية لكل مجتمع وفي كل زمان. مع ذلك يمكن القيام بتفسير الأحكام الدينية التي تتعلق بالاجتهاد من جديد من ناحية الظروف التاريخية التي وجدت فيها ومن جهة الحقائق الاجتماعية الاقتصادية والمعلومات العلمية التي تم بناؤها عليها.
-
إن الاحتكاك الأول مع التيارات المناهضة للإيمان في يومنا الحاضر، يتمحور حول مواضيع مثل أثار الثقافة العالمية الشعبية المخالفة لكرامة الإنسان والتي تدعو إلى السعي وراء الملذات والمتعة بدون قيود، وسرد الأمثلة السلبية من الشخصيات الدينية، لينتقل في المراحل اللاحقة إلى محاولة تأصيل ردود الفعل العاطفية على أسس فلسفية. وبالتالي، فإنه يجب على رئاسة الشؤون الدينية أن تزيد من أعمالها وأنشطتها فيما يتعلق بإظهار وإبراز حقيقة أن النماذج السيئة لن تمثل الدين، وعليها أيضا إقامة وتشكيل البدائل التي تنسجم مع فطرة الإنسان والتي من شأنها أن تلبي احتياجات المجتمع الدينية والمعنوية والثقافية من خلال الطرق المشروعة وذلك من أجل التمكن من منع هذه الحالة المذكورة.
-
وفي يومنا هذا، إن العواطف والأفكار الدينية يتم استغلالها لأغراض وأسباب مختلفة سواء أكانت اقتصادية أو سياسية وأسباب تتعلق بالمصالح الشخصية وأخرى تتعلق بالمكانة الاجتماعية وغيرها. وإن زمرة المستغلين يسيؤون استعمال جميع القيم الدينية وفي مقدمتها قيم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، كما أنهم يلجؤون إلى العديد من الخرافات والبدع والقصص والحكايات والمقاربات الباطنية بكثافة وذلك من أجل أن يحققوا آمالهم وأطماعهم المنشودة. وفي السنوات الأخيرة ظهرت أمامنا تنظيمات تقوم على هذا الاستغلال ومن أكثر الأمثلة وضوحا لهذه الظاهرة: تنظيم فتح الله غولن وداعش وغيرها. وبالتالي فإنه يجب على رئاسة الشؤون الدينية أن تحافظ على استمرارية الأعمال والأنشطة وزيادتها بجودة أفضل من أجل منع استغلال المشاعر والعواطف الدينية الصادقة لأبناء بلدنا.
-
إنه يجب على رئاسة الشؤون الدينية أن تعمل على إعداد الأبحاث الميدانية مع استشارة رجالات العلم المؤهلين في مجالاتهم المختلفة وذلك من أجل الحصول على معطيات صحيحة فيما يتعلق بقضايا الإيمان والاعتقاد، كما يجب أن تقوم بدعم إعداد الأطروحات العلمية في الجامعات حول علاقات الدين بالفرد والمجتمع وكذلك الأعمال الأكاديمية الأخرى. ويجب أن يتم تحويل النتائج المكتسبة من هذه الأبحاث إلى سياسات عملية بعد تقييمها.
-
إن التيارات والحركات المناهضة للإيمان والاعتقاد تقوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام الحوادث السلبية والوقائع الإرهابية التي تحدث ضمن جغرافيا العالم الإسلامي لتشويه صورة الإسلام وذلك دون أن تتساءل حول خلفية هذه الحوادث والوقائع. ولا شك أن هذه المنشورات التي تتخذ الكثير من الموضوعات الدينية هدفاً لها، تتسبب في إضعاف الإيمان والجوانب الاعتقادية لدى الأشخاص، كما وتتسبب في انتشار الأفكار والآراء المناهضة للدين. وبالتالي فيجب على رئاسة الشؤون الدينية أن تقوم بإنشاء محتويات مناسبة من أجل أن تتمكن من إزالة تأثيرات هذه المنشورات السلبية وإنهائها، وأن توفر إمكانيات نشر هذه المحتويات في وسائل التواصل الاجتماعي.
-
إن المجموعات والتكتلات الدينية في غالبيتها تتشكل ضمن المسار العادي للحياة المجتمعية. وإنه من الأهمية بمكان أن يتم احتواء هذه المجموعات والتكتلات ضمن بنية وهيكلية شفافة وواضحة وأن تكون قابلة للرقابة والمتابعة وذلك حتى يقل التمثيل السلبي للدين سواء بشكل مقصود أو غير مقصود، ويرتقع استغلال المعتقدات والقيم الدينية.
-
إن الله عز وجل قد خلق الناس مختلفين في ألوانهم ولغاتهم وأعراقهم كدليل وآية على قدرته تعالى، وقد جعل ذلك وسيلة من أجل أن يتعارف الناس على بعضهم البعض وليتفاعلوا فيما بينهم. ولذلك لا يمكن القبول على الإطلاق إقصاء أو تهميش فئة أو شريحة من الناس بناء على جذورهم العرقية لأنها ليست سبباً للتفاضل سواء أ كان ذلك على مستوى الفرد أو المجتمع. وبالتالي فيجب أن يتم رفض كل أنواع الخطابات التي تهدف إلى نشر بذور التفرقة بين مواطنينا الذين أقاموا معاً وحدة المصير على هذه الأرض عبر التاريخ من خلال الوحدة والاتحاد والتعاون والتكافل. وإنه يجب على رئاسة الشؤون الدينية أن تحافظ على استمرارية خدماتها وأنشطتها من اليوم فصاعداً بكل عزم وإصرار كما عهدناها إلى يومنا هذا وذلك من أجل تقوية أواصر الوحدة والتماسك بين المواطنين. ومن جانب آخر فإنه يتوجب على رئاسة الشؤون الدينية أن تقوم بتقوية التدابير والخطوات التي تتخذها في مواجهة خطابات وأنشطة المنظمات الإرهابية مثل "بي كا كا" ، و "بي واي دي" والتي تسعى لصرف أبناء هذا الوطن الذين امتزجوا بفضل الإسلام وترعرعوا في ظلاله، عن الحق والحقيقة وذلك من خلال نسبتهم إلى اعتقادات وثقافات مغايرة ومختلفة.
-
يجب أن يتم بحث جميع الجوانب والنواحي الخاصة بالتأثير المفسد الذي ينتزع ويقتلع الإنسان من الغاية الكامنة وراء خلقه والذي تنتجه ثقافة الاستهلاك التي أسرت العالم المعاصر في شباك تأثيرها وقد تحولت إلى إسراف وتبذير، كما ويجب توعية وتثقيف المجتمع فيما يتعلق بهذا الصدد.
-
يجب على رئاسة الشؤون الدينية أن تعمل عند قيامها بتحديد الاستراتيجية الخاصة بخدماتها الدينية، على إعداد الأبحاث العلمية التي تُعنى بتحديد وتعيين تطلعات واحتياجات الشريحة والكتلة المستهدفة وذلك بأخذ التغيرات الاجتماعية الثقافية بعين الاعتبار، كما ويجب أن تقوم بتقديم خدماتها هذه ضمن هذا المسار. وفي هذا الإطار، فإنه يتوجب عليها أن تقوم من خلال إعمال الأساليب العلمية بقياس المكاسب التي تحدثها الخطب ودروس الوعظ على وجه الخصوص لدى الفئات والكتل المخاطبة، كما ويجب عليها أن تستمر في فعالياتها وأنشطتها وفقاً لتلك المعطيات والنتائج.
-
يجب القيام بالأنشطة والأعمال التي من شأنها أن تعمل على توعية المجتمع فيما يتعلق المجموعات والتكتلات الغريبة من التيارات الدينية الجديدة والبعيدة عن ثقافتنا الدينية والشعبية والتي تخفي صورتها الحقيقية خلف الخطابات المشبوهة مثل الحياة الصحية والاستقرار الداخلي والتوازن والتنمية البشرية والنجاح في الحياة العملية وغيرها من الخطابات.
-
يجب القيام بعقد وإقامة ورش العمل مع المعنيين وأصحاب الشأن والتي تهدف إلى القيام بتقديم الخدمات إلى الفئات والشرائح المختلفة، على نحو أكثر كفاءة وفعالية ضمن وحدة اللغة والنهج المشترك، وذلك في إطار البروتوكولات المقامة مع الوزارات والمؤسسات المعنية.
-
لا شك أن أحد أكثر المجالات التي تأثرت بالتغير الاجتماعي الثقافي هي المؤسسة الأسرية. ولا شك أيضاً أن انخفاض نسبة الزواج والإنجاب من يوم لآخر، والعنف الممارس داخل المؤسسة الأسرية، وحقيقة الأسر والعوائل المفككة والتي تنتهي بالطلاق، هي الدليل الأكثر وضوحاً على ذلك. وبالتالي، فإنه يجب على رئاسة الشؤون الدينية أن تعمل على زيادة المساهمات التي تقوم بها بهدف تقوية المؤسسة الأسرية سواء من خلال أنشطة وفعاليات الإرشاد والتوجيه المقامة داخل البلاد وخارجها، أو من خلال المنشورات المكتوبة والمرئية. وفي هذا الإطار، فإنه يجب عليها أيضاً أن تقوم بتنظيم "جائزة الأسرة والقيم" والمخصصة للمنشورات الكتابية والمرئية لكل عام.
-
إن الأسرة هي حجر الأساس للمجتمع. ولهذا السبب فإن الإسلام قد اعتبر حفظ النسل، والذي يفضي بدوره إلى حفظ الأسرة والعائلة، أحد مقاصد الشريعة ومن الضرورات الخمس. لذا فإن جميع أشكال وأنواع المفاهيم والتوجهات والخطابات المنحرفة التي من شأنها أن تعمل على هدم وتخريب المؤسسة الأسرية وقيمها، لن تجد لها مكاناً على الإطلاق بين أبناء شعبنا الذين هم متمسكون بقيمهم. وبالتالي فإنه يجب على رئاسة الشؤون الدينية أن تحافظ على استمرارية وإدامة فعالياتها وأنشطتها الموجهة ضد هذه المفاهيم التي تخالف الدين والفطرة والأخلاق والقيم المجتمعية وتقوم بإفسادها، وذلك من خلال زيادة التعاون المشترك مع المؤسسات والمنظمات المعنية.
-
يجب أن يتم إقامة التخطيط الخاص بالمساجد ولواحقها مع الأخذ بعين الاعتبار خصائص الأماكن السكنية والتغير الاجتماعي الثقافي الحاصل، وفي هذا الإطار، وضمن حدود الامكانيات والاحتياجات، فإنه يجب إنشاء مكتبات وقاعات للقراءة والمعارض والاجتماعات ضمن لواحق المساجد. كما يجب أيضاً على رئاسة الشؤون الدينية أن تقوم بدعم الأعمال والتطبيقات التي تهدف إلى تلبية احتياجات أماكن العبادة مثل الأماكن المخصصة للنساء واحتياجات الأطفال والشباب والأشخاص من ذوي الاحتباجات، وهو الأمر الذي أعطته رئاسة الشؤون الدينية اهتماما منذ فترة طويلة.
-
يجب القيام بالأعمال التي من شأنها أن تعمل على توسيع مجالات الخدمة وتنويعها، من خلال القيام بتوظيف بعض الوعاظ ضمن الأوساط الرقمية والبعض الآخر ضمن فعاليات وأنشطة التوجيه والإرشاد التجوالية، وذلك بما يتماشى مع مجالاتهم الخاصة ومؤهلاتهم وقدراتهم وجنباً إلى جنب مع أنشطة وفعاليات الإرشاد المقامة في المساجد والجوامع.
-
إن رئاسة الشؤون الدينية تقوم بتقديم الدعم والتوجيه المعنوي للفئات والشرائح المحتاجة ابتداء من العوائل والأسر، والأطفال والنساء وكبار السن، والشباب، والمدمنين، والمعتقلين، وأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، والمرضى، وأقرباء المرضى وغيرهم من الخاضعين وغير الخاضعين لرعاية الدولة. ويجب على رئاسة الشؤون الدينية أن تعمل على زيادة التعاون الذي تقيمه مع الجامعات بهدف التعليم الموجه للعاملين الذين يقومون بهذه الخدمات، وأن تعطي مساحة أكبر للمنشورات المتعلقة بهذا المجال وذلك من أجل أن يتم نشر هذه الخدمات المقدمة بصورة أفضل وأشمل وأن تتمتع بجودة أكبر.
-
يجب أن يتم إعادة التقييم لتوزيع الموظفين على أماكن وظائفهم بالأخذ بعين الاعتبار ظاهرة الهجرة من القرى إلى المدن والكثافة والحركة السكانية في يومنا هذا، كما يجب القيام بعمل التعديلات اللازمة وفق المعطيات المتحصلة من عملية التقييم.
-
يجب أن يتم تحويل البرامج التعليمية والإرشادية المطبقة ضمن التنظيمات الخاصة بالحج والعمرة إلى برنامج خاص بالتعليم الديني الممنهج للبالغين ليشمل ما قبل وأثناء وما بعد هذه التنظيمات والترتيبات.
-
القيام بإعداد وتجهيز التشريعات والنظم القانونية اللازمة من أجل تنويع البرامج التعليمية الخاصة بكليات الشريعة والعلوم الإسلامية بما يضمن إعداد عاملين وموظفين يتمتعون بالمؤهلات العلمية المطلوبة للقيام بالتعليم والخدمات الدينية غير النظامية، وبما يضمن توظيف خريجي هذه البرامج التي سوف يتم إقامتها. وفي هذا السياق، فإنه يجب المحافظة على استمرارية التعاون الذي تم البدء بإقامته تحت إدارة رئاسة الشؤون الدينية وبالشراكة مع كليات الشريعة والعلوم الإسلامية ووزارة التعليم الوطني.
-
يجب انتقاء المعلمين بشكل دقيق و أن يكونوا من المختصين في مجال التأهيل التربوي لكسب نتائج مثمرة في دورات تعليم و تحفيظ القرآن.
-
يجب إعادة تقييم المناهج الدراسية وساعات تدريس حفظ القرآن الكريم، التي يتم تنفيذها بالتنسيق مع وزارة التعليم الوطني، في إطار مبادئ التأهيل التربوي.
-
يجب مواصلة تعزيز الوجود المؤسسي لمراكز التخصص العالي الدينية، والتي لها أهمية حيوية ضمن شبكة الخدمات الواسعة في رئاستنا، كما ينبغي تحديث برامج التعليم من خلال وضع التغييرات الاجتماعية والثقافية في الحسبان، وينبغي الاستفادة من التراكم الأكاديمي في بلدنا بشكل أكبر في عمليات التعليم.
-
يجب على رئاسة الشؤون الدينية أن تتعاون مع المؤسسات المعنية بهدف الحد من انتشار المعلومات الناقصة و المغلوطة، و العمل على نشر العلوم الدينية الصحيحة و إيصالها لمختلف شرائح المجتمع و ذلك عن طريق الإعلام و وسائل التواصل الاجتماعي.
-
و ينبغي قياس تأثير المنشورات و المطبوعات المرئية على الشريحة المستهدفة و مستوى إدراكهم لها بشكل علمي و على فترات متكررة من خلال إعداد أبحاث و تحليل وسائل الإعلام المعتمدة. ويجب زيادة تنويع المنشورات من حيث المحتوى والنوعية في ضوء النتائج التي تم الحصول عليها عن طريق تحليلها و تفسيرها.
-
ينبغي على رئاسة الشؤون الدينية تنويع منشوراتها بلغات ولهجات مختلفة ، وتوسيع نطاق تأثيرها باستخدام الفرص و الإمكانيات التي تتيحها تكنولوجيا المعلومات، وإنشاء مكتب للترجمة لزيادة منشوراتها النوعية على المستوى الدولي.
-
مع الأخذ في الاعتبار التغيرات الاجتماعية والثقافية والتطورات في تقنيات المعلومات ، ينبغي على رئاسة الشؤون الدينية تنشيط إدارة المنشورات الرقمية في أقرب وقت ممكن من أجل إنتاج منشورات عالية الجودة وفعالة في مجال النشر الرقمي.
-
يجب إعداد المنشورات المكتوبة والمرئية والرقمية بما في ذلك الإجابات التي يجب تقديمها للشباب و التي تتضمن تحذيرهم من الحركات المعادية للإيمان⸵ ويجب أن تكشف هذه النصوص أيضًا عن الخلفية الفلسفية والتاريخية والثقافية التي أدت إلى ولادة هذه الحركات المعادية للإيمان.
-
يجب أن تكون المنشورات المتعلقة بالأطفال والشباب والفئات المحرومة من بين الأولويات. وفي هذا السياق، يجب إثراء المحتويات التي سيتم نشرها عبر القنوات الرقمية بفهم يحقق الاستفادة من مختلف العلوم، وبالإضافة إلى ذلك ينبغي اتخاذ مزيد من الخطوات لإنشاء قناة تلفزيونية للأطفال.
-
ينبغي العمل على توسيع السياسات التي تتبنى القيم الدينية والوطنية في المنشورات المطبوعة والصوتية والمرئية والرقمية الموجهة للأطفال، مع مراعاة الحالة النفسية للطفل ويجب عدم إفساح المجال لأي نوع من أنواع العناصر المنافية للفطرة والتي تشجع على العنف والتي من شأنها إبعاد الطفل عن مجتمعه وثقافته.
-
لا يمكن إنكار مكانة الأدب و لفن في عملية إيصال الشعور والفكر الديني للأجيال الفتية. ولذلك تقوم رئاسة الشؤون الدينية ضمن سياسة النشر التي تتبعها بتشجيع المنتجات الأدبية و الفنية في مجالات دروس الخط و فن الأبرو (الرسم على الماء) و الشعر والقصة و الرواية و الموسيقى والسينما وكذلك تولي رئاسة الشؤون الدينية اهتماما ودعما لافتتاح المسابقات و المشاريع المناسبة. وقد تقوم رئاسة الشؤون الدينية بتخطيط وتفعيل هذه النشاطات تحت هويتها المؤسسية، وقد تقوم أيضا بتقديم الدعم للمشاريع خارج نطاق مؤسستها بهدف استهداف أكبر شريحة ممكنة.
-
من الملاحظ بأن تغير الظروف العالمية، والتطورات الجديدة في العلاقات الدولية، والتغيرات السياسية والاجتماعية في البلدان التي يتم تقديم الخدمة فيها؛ جعلت رئاسة الشؤون الدينية تواجه مشاكل جدية في المحافظة على إمكانية إدارة واستمرارية خدماتها وأنشطتها الدولية في وضعها الحالي. وقد حتمت هذه الظروف إعادة النظر في تناول موضوع الخدمات في الخارج و إعادة هيكلتها بشكلٍ جذري. وبموجب هذا، ينبغي تطوير خطة عمل استراتيجية تأخذ في الاعتبار الظروف والفرص المحلية للمنطقة الجغرافية المستهدفة وتوجيه عملية تدريب الموظفين الذين سيقومون بتقديم الخدمات.
-
من الملاحظ أن هناك تمايزًا واختلافا في البنية المتجانسة التقليدية للشريحة المستهدفة للخدمة الدينية عن السابق في الخارج؛ بالإضافة إلى تواجد شعبنا، فقد أصبح المسلمون من الجنسيات الآخرى جزءًا من المساجد التركية، وهناك مشاكل نتجت عن اختلاف الأجيال ، وتباين مستوى الأجيال من حيث اللغة والثقافة. ومن هذا المنطلق يجب أن يكون الموظف الديني مدرّسا ومرشدا معنويا وممثلا لجماعته في خارج المسجد وحتى يتم ذلك يجب أن يتلقى الموظف التعليم فيما يتعلق بالبنية الدينية واللغوية والسياسية والاجتماعية لذلك البلد مع امتلاكه كفاءات تربوية ومهنية.
-
المساجد في الخارج فضلاً عن كونها أماكن للعبادة هي أيضاً مراكز تقدم الخدمات الاجتماعية والثقافية والروحية للأطفال والشباب والكبار. حيث ينبغي تزويد هذه الأماكن بوظائف جديدة وينبغي توفير تصميمات جمالية لتشجيع مشاركة الأطفال والشباب والنساء، وفقًا لتوقعات الخدمة المتغيرة. وعلى هذا، يجب اتخاذ تدابير لضمان أن يكون للشباب والنساء دور أكبر في إدارة المساجد.
-
بالإضافة إلى خدمات رئاسة الشؤون الدينية في الخارج تُعدُّ الحاجة إلى المنشورات المطبوعة والمرئية والمسموعة والرقمية، مسألة حيوية بالنسبة لمن يرغبون في الحصول على معلومات صحيحة عن الدين الإسلامي والعالم الإسلامي. لذلك فإن رئاسة الشؤون الدينية يجب عليها تأمين إيصال المنشورات الدينية إلى مستوى الفعالية و الجودة العالمية. وذلك عن طريق توفير واستثمار الإمكانيات والفرص من خلال إيصال أنشطة بثها ومنشوراتها إلى المنصات المهمة في المدن الكبرى في العالم. ولأجل هذا ينبغي تأسيس دار نشر دولية للديانة باستطاعتها إيصال التراكمات الفكرية في رئاسة الشؤون الدينية و كليات الشريعة إلى مستوى عالمي، وأيضاً إيصال آثار المثقفين المسلمين المتواجدين في مختلف أنحاء العالم والرأي العام.
-
إنشاء "لجنة تنفيذ ومتابعة برنامج كليات لإلهيات (الشريعة) الدولية" بهدف دعم فكرة كلية الإلهيات (الشريعة) بلغات أجنبية مختلة وإيصالها إلى بعد ثقافي تخصصي ومن أجل تقييم هدف و مدى نجاعة المنح الدراسية التي يتم تقديمها بالتنسيق مع رئاسة الشؤون الدينية عبر قنوات "البرنامج الدولي لكليات الإلهيات (الشريعة)"UİP و"مجلس التعليم العالي" YÖK و"رئاسة أتراك المهجر والمجتمعات ذوي القربى" YTB ووقف الديانة التركي TDV وذلك بشكل دوري. في نفس الوقت ، يجب على هذه اللجنة تطوير التعاون الأكاديمي فيما بين رئاسة الشؤون الدينية أو كليات الإلهيات (الشريعة) في بلدنا ونظرائها في البلدان الأخرى.
-
يلاحَظ أن الخطابات والمظاهرات المناهضة للإسلام وللمسلمين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك البلدان الغربية، قد وصلت إلى أبعاد تهدد الوجود الفردي والاجتماعي للمسلمين وهويتهم الدينية.ومن هذا المنطلق فإن تطوير إستراتيجية ضمن إطار حقوق الإنسان والحريات الأساسية سيكون له نتائج فعالة في مناهضة ظاهرة ما يسمى "الإسلاموفوبيا" بشكلٍ سليم. ويجب إعطاء الأولوية للمبادرات الرامية إلى الاستفادة من الفرص التي تتوافر من خلال المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة واللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومنظمة التعاون الإسلامي والخلفيات القانونية المحلية والأطر الدستورية. لهذا السبب، يجب تطوير التعاون مع المنظمات التي أنشأها المسلمون، ويجب استخدام خبراتهم في مكافحة انتهاكات الحقوق والحريات. ويجب تشجيع التعاون مع المؤسسات والمنظمات ذات الصلة لمراقبة وتوثيق وإبلاغ السلطات القانونية المختصة بانتهاكات الحقوق والحريات سواءً للمسلمين أو غيرهم. و على رئاسة الشؤون الدينية خلال هذه العملية أن تقوم بإنشاء "وحدة مكافحة الإسلاموفوبيا".
-
لقد لجأ الكثير من الناس من المناطق الإسلامية المختلفة إلى بلدنا بسبب الحرب والإرهاب والظلم و الأيام الصعبة التي عاشوها. هذه الأرض، التي كانت مأوى للمضطهدين لمائات السنين دون أي تمييز بين اللغة والدين والعرق والمذهب والمشرب، لها الشرف أن تتحمل نفس المسؤولية اليوم. إن شعبنا العظيم الذي يرى في مد يد العون لكل الناس واجباً له، يرى أيضاً أن احتضان المضطهدين الذين أُجبروا على اللجوء واجباً دينياً و إنسانياً. وعليه، ينبغي زيادة صلاحيات وإمكانيات رئاسة الشؤون الدينية، التي تواصل بنجاح، جهودها لتلبية الاحتياجات الدينية والإنسانية والثقافية للأشخاص المظلومين ممن لجأوا إلى بلدنا.